send link to app

أشعار أبو القاسم


4.4 ( 1744 ratings )
Referencia Libros
Desarrollador Taha Baba
Libre

"
ولد أبو القاسم الشابي في يوم الأربعاء في الرابع والعشرين من شباط عام
1909م الموافق الثالث من شهر صفر سنة 1327هـ وذلك في مدينة توزر في تونس .

قضى الشيخ محمد الشابي حياته المسلكية في القضاء بمختلف المدن التونسية
حيث تمتع السابي بجمالها الطبيعي الخلاب، ففي سنة 1328هـ 1910 م عين قاضيا
في سليانة ثم في قفصة في العام التالي ثم في قابس 1332هـ 1914م ثم في جبال
تالة 1335هـ 1917م ثم في مجاز الباب 1337هـ 1918م ثم في رأس الجبل 1343هـ
1924م ثم انه نقل إلى بلدة زغوان 1345هـ 1927م ومن المنتظر أن يكون الشيخ
محمد نقل أسرته معه وفيها ابنه البكر أبو القاسم وهو يتنقل بين هذه
البلدان ، ويبدو أن الشابي الكبير قد بقي في زغوان إلى صفر من سنة 1348هـ
– أو آخر تموز 1929 حينما مرض مرضه الأخير ورغب في العودة إلى توزر ، ولم
يعش الشيخ محمد الشابي طويلاً بعد رجوعه إلى توزر فقد توفي في الثامن من
أيلول –سبتمبر 1929 الموافق للثالث من ربيع الثاني 1348هـ.

كان الشيخ محمد الشابي رجلاً صالحاً تقياً يقضي يومه بين المسجد والمحكمة
والمنزل وفي هذا الجو نشأ أبو القاسم الشابي ومن المعروف أن للشابي أخوان
هما محمد الأمين وعبد الحميد أما محمد الأمين فقد ولد في عام 1917 في قابس
ثم مات عنه أبوه وهو في الحادية عشر من عمره ولكنه أتم تعليمه في المدرسة
الصادقية أقدم المدارس في القطر التونسي لتعليم العلوم العصرية واللغات
الأجنبية وقد أصبح الأمين مدير فرع خزنة دار المدرسة الصادقية نفسها وكان
الأمين الشابي أول وزير للتعليم في الوزارة الدستورية الأولى في عهد
الاستقلال فتولى المنصب من عام 1956 إلى عام 1958م.

وعرف عن الأمين أنه كان مثقفاً واسع الأفق سريع البديهة حاضر النكتة وذا
اتجاه واقعي كثير التفاؤل مختلفاً في هذا عن أخيه أبي القاسم الشابي.
والأخ الآخر عبد الحميد وهو لم تتوفر لدي معلومات عن حياته.

وقد وصف الدكتور محمد فريد غازي مرض الشابي فقال: "" إن صدقنا أطباؤه وخاصة
الحكيم الماطري قلنا إن الشابي كان يألم من ضيق الأذنية القلبية أي أن
دوران دمه الرئوي لم يكن كافياً وضيق الأذنية القلبية هو ضيق أو تعب يصيب
مدخل الأذنية فيجعل سيلان الدم من الشرايين من الأذنية اليسرى نحو البطينة
اليسرى سيلاناً صعباً أو أمراً معترضاً ( سبيله ) وضيق القلب هذا كثيرا ما
يكون وراثياً وكثيراً ما ينشأ عن برد ويصيب الأعصاب والمفاصل وهو يظهر في
الأغلب عند الأطفال والشباب مابين العاشرة والثلاثين وخاصة عند الأحداث
على وشك البلوغ "". وقد عالج الشابي الكثير من الأطباء منهم الطبيب التونسي
الدكتور محمود الماطري ومنهم الطبيب الفرنسي الدكتور كالو والظاهر من حياة
الشابي أن الأطباء كانوا يصفون له الإقامة في الأماكن المعتدلة المناخ.
قضى الشابي صيف عام 1932 في عين دراهم مستشفياً وكان يصحبه أخوه محمد
الأمين ويظهر أنه زار في ذلك الحين بلدة طبرقة برغم ما كان يعانيه من
الألم ، ثم أنه عاد بعد ذلك إلى توزر وفي العام التالي اصطاف في المشروحة
إحدى ضواحي قسنطينة من أرض القطر الجزائري وهي منطقة مرتفعة عن سطح البحر
تشرف على مساحات مترامية وفيها من المناظر الخلابة ومن البساتين ما يجعلها
متعة الحياة الدنيا وقد شهد الشابي بنفسه بذلك ومع مجيء الخريف عاد الشابي
إلى تونس الحاضرة ليأخذ طريقة منها إلى توزر لقضاء الشتاء فيها. غير أن
هذا التنقل بين المصايف والمشاتي لم يجد الشابي نفعاً فقد ساءت حاله في
آخر عام 1933 واشتدت عليه الآلام فاضطر إلى ملازمة الفراش مدة. حتى إذا مر
الشتاء ببرده وجاء الربيع ذهب الشابي إلى الحمّة أو الحامه (حامة توزر)
طالباً الراحة والشفاء من مرضه المجهول وحجز الأطباء الاشتغال بالكتابة
والمطالعة. وأخيراً أعيا الداء على التمريض المنزلي في الآفاق فغادر
الشابي توزر إلى العاصمة في 26-8-1934 وبعد أن مكث بضعة أيام في أحد
فنادقها وزار حمام الأنف ، أحد أماكن الاستجمام شرق مدينة تونس نصح له
الأطباء بأن يذهب إلى أريانة وكان ذلك في أيلول واريانة ضاحية تقع على نحو
خمس كيلومترات إلى الشمال الشرقي من مدينة تونس وهي موصوفة بجفاف الهواء.
ولكن حال الشابي ظلت تسوء وظل مرضه عند سواد الناس مجهولاً أو كالمجهول
وكان الناس لا يزالون يتساءلون عن مرضه هذا : أداء السل هو أم مرض القلب؟.

ثم أعيا مرض الشابي على عناية وتدبير فرديين فدخل مستشفى الطليان في
العاصمة التونسية في اليوم الثالث من شهر أكتوبر قبل وفاته بستة أيام
ويظهر من سجل المستشفى أن أبا القاسم الشابي كان مصاباً بمرض القلب.

توفي أبو القاسم الشابي في المستشفى في التاسع من أكتوبر من عام 1934
فجراً في الساعة الرابعة من صباح يوم الأثنين الموافق لليوم الأول من رجب
سنة 1353هـ.
"